روائع مختارة | روضة الدعاة | استراحة الدعاة | معنى الدعوة إلى الله تعالى

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > استراحة الدعاة > معنى الدعوة إلى الله تعالى


  معنى الدعوة إلى الله تعالى
     عدد مرات المشاهدة: 2849        عدد مرات الإرسال: 0

لعلي لا أكون مخطئًا إذا قلت: إن العالم الإسلامي اليوم لا يحتاج لحل مشكلته إلى انتقال جمهور جديد من المنحرفين والغافلين إلى التمسك بالإسلام، بمقدار ما هو بحاجة سريعة إلى توعية المتمسكين به، وبعث هممهم، وتعريفهم طريق العمل وفقه الدعوة، ولا تزال هناك بقية باقية من المؤمنين كثير عددها، تكفي- لو تحركت- لقيام الخير الذي نبغي ونريد، إذا عرفت التجرد، وتقلّلت من الدنيا، وبعدت عن الفتن، وصبرت في المحن، وأجادت فن قيادة الأمة.

إننا في هذه الحقبة نحتاج إلى دعاة إلى الله، من المصلين المعتزين بدينهم، المتحلين بأخلاق المؤمنين، دون الغافلين فضلا عن المنحرفين، نحتاج المسلم الغيور صادق الإيمان، نقى العقيدة، الذي يتألم لواقع المسلمين الحاضر ويحزن له، فيدله هذا على طريق العمل المثمر وسبل الخلاص من هذا الواقع المر، والعمل على توعية الناس والترقي بهم، وكذلك العناية بما يلزمه من الارتقاء بتربية نفسه إلى مستوى متطلبات هذا الطريق.

الدعوة في اللغة والاصطلاح:

قبل أن نعرض لموضوعات الدعوة يلزمنا أولا أن نبدأ بتعريف الدعوة وإظهار معناها لغة واصطلاحا

أولا: الدعوة في اللغة:

كلمة (الدعوة) مصطلح إسلامي، وهناك علاقة وثيقة بين مدلول هذا اللفظ في الأصل اللغوي، وبين استعماله كمصطلح إسلامي صرف.

وأول ما ننظر إلى كون اللفظة فعلا وهو (دَعَوَ) على وزن (فَعَلَ). نجد أن هذا اللفظ لا يحمل إلا معنى واحدًا، وهو: أن تميل الشيء إليك بصوت وكلام يكون منك. (انظر: معجم مقاييس اللغة 2/ 279). ومشتقات هذا الفعل لم تخرج في مدلولاتها عن هذا المعنى أبدًا.

ويقول صاحب المحيط: (دعا دعاء ودعوى)، أي الإمالة والترغيب.

معاني الدعوة في القرآن:

ورد لفظ الدعوة في القرآن الكريم للدلالة على معاني متعددة منها:

1- معنى الطلب: نحو قوله تعالى: {لا تدعو اليوم ثبورًا واحدًا وادعوا ثبورًا كثيرًا} [الفرقان: 14]. بمعنى لا تطلبوا اليوم هلاكًا واحدًا بل اطلبوا هلاكًا وويلًا كثيرًا فإن ذلك لن ينفعكم.

2- معنى النداء: نحو قوله تعالى: {ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقًا} [الكهف: 52]. أي فنادوهم فلم يستجيبوا لهم.

3- معنى السؤال: نحو قوله تعالى حكاية عن بني إسرائيل: {قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها} [البقرة: 69]. أي اسأل ربّك يبين لنا ما لون البقرة التي أمرنا بذبحها.

4- معنى الحث والتحريض على فعل شيء: نحو قوله تعالى حكاية عن مؤمن آل فرعون: {ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار} [غافر: 41]. بمعنى أنه ليس من العدل والإنصاف أن أحثّكم وأحرضكم على فعل ما من شأنه نجاتكم في الدنيا والآخرة، وأنتم تحرضونني على فعل ما من شأنه هلاكي.

5- معنى الاستغاثة: نحو قوله تعالى: {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين} [الأنعام: 40].

بمعنى: هل إذا أتاكم عذاب وغضب من الله وأصابتكم كارثة أو مصيبة أو أتتكم الساعة هل إذ حدث ذلك تستغيثون بغير الله؟ فإن كلمة تدعون في الآية بمعنى الاستغاثة.

6- معنى الأمر: نحو قوله تعالى: {وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم} [الحديد: 8]. أي والرسول يأمركم أن تؤمنوا بالله ربكم.

7- معنى الدعاء: نحو قوله تعالى: {ادعوا ربكم تضرُّعًا وخفية} [الأعراف: 55]. بمعنى توسلوا إلى الله بالدعاء وتقربوا إليه به.

هذه معاني متعددة استُعمل لفظ الدعوة للدلالة عليها كما ورد في القرآن الكريم، وإذا نظرنا بشيء من الإمعان إلى تلك المعاني سوف نجد أنها تعود جميعها إلى أصل واحد وهو معنى الطلب.

فالنداء هو طلب الحضور والمجيء سواء لأمر حسي أو معنوي.

والسؤال: هو طلب العلم بشيء لم يكن معلومًا لدى السائل.

والتحريض والحث: هو طلب إتيان فعل غير مرغوب فيه عند المخاطب.

والاستغاثة: طلب رفع ضرر واقع على المستغيث.

والأمر: طلب إتيان الفعل مطلقًا.

والدعاء: هو الطلب من الله سبحانه وتعالى.

وتعدّد معنى الدعوة كما هو واضح بغرض بيان القصد المراد منها.

ومن ثمّ يمكن تعريف الدعوة إلى الإسلام من خلال ما تقدم بأنها: الطلب من الناس الدخول في طاعة الله تبارك وتعالى، وطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والالتزام بشرائعه أي التدين بالدين الإسلامي الحنيف الذي اختاره الله تبارك وتعالى لخلقه والعمل بتعاليمه. {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون} [البقرة: 21].

ومن مجموع ما تقدم نفهم أن الصلة وثيقة بين مدلول الفعل دعا في اللغة، وبين مدلوله فيما اصطلح عليه القرآن الكريم، فقوله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك} يدل على الإمالة والترغيب، أي الميل بالناس عن الشر، ودعوتهم إلى سبيل الله رب العالمين.

والذي يقوم بأمر الدعوة ويحمل عبأها ليبلغها إلى الناس هو الذي يطلق عليه الإسلام: الداعي أو الداعية، والداعي اسم فاعل من الفعل دعا يدعو. أما الداعية فالتاء في آخره تدل على المبالغة والتكثير وإذا أردنا الجمع قلنا دعاة والجمع السالم داعون وداعيات.

ثانيا: الدعوة في الاصطلاح:

تعريفات الدعوة في الاصطلاح- خصوصا عند المتقدمين- لا تكاد تؤخذ إلا من معرض كلامهم ومفهومه؛ إذ قل تخصيصهم لهذا الأمر بتعريف خاص به، حتى قال الشيخ ابن حميد حفظه الله: (لا يوجد عند المتقدمين، فيما اطلعت عليه، تعريف اصطلاحي). (معالم في منهج الدعوة 9).

قلت: وقد يمكن اعتبار كلام الصحابي العظيم ربعي ابن عامر رضي الله عنه لرستم قائد الفرس في معركة القادسية خلاصة لمعنى الدعوة حين قال له جوابا على سؤال رستم ما الذي جاء بكم؟ قال ربعي: (جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام).

وقال الراشد في كتابه المنطلق (ص 85): وقد تعرض ابن تيمية لتعريف الدعوة فقال: (الدعوة إلى الله: هي الدعوة إلى الإيمان به، وبما جاءت به رسله، بتصديقهم فيما أخبروا به، وطاعتهم فيما أمروا). (الفتاوى 15: 157).

وقال أيضا رحمه الله: (وكل ما أحبه الله ورسوله من واجب ومستحب، ومن باطن وظاهر، فمن الدعوة إلى الله: الأمر به، وكل ما أبغضه الله ورسوله، من باطن وظاهر، فمن الدعوة إلى الله النهي عنه، ولا تتم الدعوة إلى الله إلا بالدعوة إلى أن يفعل ما أحبه الله، ويترك ما أبغضه الله، سواء كان من الأقوال أو الأعمال الباطنة أو الظاهرة).

وقد دارت تعريفات المتأخرين للدعوة حول هذا المعنى:

فمن ذلك قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هي (دعوة إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، وحفظ الحقوق، وإقامة العدل بين الناس بإعطاء كل ذي حق حقه وتنزيله من المنازل ما يستحقه، فترتفع العقائد الكاملة والأحكام الشرعية، وتزهق العقائد الباطلة والقوانين الجاهلية والأحكام الوضعية).

وقال بعضهم: الدعوة: تعريف الناس بربهم بأسمائه وصفاته، وكيفية الوصول إلى الرب سبحانه، وما لهم إذا هم وصلوا إليه.

أو هي: حداء بالناس لمعرفة الله والإيمان به، وتوحيده ربًّا خالقًا مالكًا، وإلهًا معبودًا وحاكمًا فردًا، فلا منازع له في ربوبيته، ولا شريك له في إلهيته، ولا مضاد له في حاكميته. {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83] ، {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50] . واتباع كل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال الشيخ صالح بن حميد: (يمكن بالنظر والتأمل تعريف الدعوة بأنها: قيام المسلم ذي الأهلية- في العلم والدين- بتبصير الناس بأمور دينهم، وحثهم على الخير، وإنقاذهم من شر واقع، وتحذيرهم من سوء متوقع، على قدر الطاقة، ليفوزوا بسعادة العاجل والآجل). (معالم في منهج الدعوة 9).

وقد سبق الشيخ محمد خضر حسين فعرفها بقوله: حث الناس على الخير والهدى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ليفوزوا بسعادة العاجل والآجل. (الدعوة إلى الإصلاح: 17).

وعرفها أيضا من المعاصرين الشيخ البيانوني فقال: (تبليغ الإسلام للناس، وتعليمه إياهم، وتطبيقه في واقع الحياة). (المدخل إلى علم الدعوة: 16).

وباختصار شديد فإن الدعوة إلى الله تعالى هي معرفة الدين ودعوة الناس إليه تحقيقا لقوله تعالى: {والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}. وقوله سبحانه: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني}.

المصدر: موقع الشبكة الإسلامية.